طرحت مجموعة من علماء الفيزياء مؤخرًا نظرية مفادها أنه من الممكن توليد الكهرباء عن طريق تسخير طاقة دوران الأرض من خلال مجالها المغناطيسي. أثار هذا البيان، الذي نُشر في مجلة Physical Review Research وتم تقديمه إلى الجمعية الفيزيائية الأمريكية ، اهتمامًا كبيرًا ولكن أيضًا شكك في المجتمع العلمي.
الباحث الذي قام بتأليف الورقة هو البروفيسور كريس تشيبا من جامعة برينستون، الذي كان عضوًا في مجلس الأمن القومي ومكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا في عهد كلينتون.
والسؤال الكبير هو: هل نواجه اكتشافًا عظيمًا أم خطأً مثيرًا؟
المبادئ النظرية للاكتشاف
وتعتمد الفكرة على مبدأ الحث الكهرومغناطيسي، وهو نفس مبدأ تشغيل محطات الطاقة. بشكل أساسي، فإن حركة الموصل داخل المجال المغناطيسي تولد تيارًا كهربائيًا .
نظرًا لأن الأرض تدور ومجالها المغناطيسي يظل ثابتًا نسبيًا، فإن الموصل الموضوع على سطحها سيتحرك عبر خطوط المجال، مما ينتج عنه تيارًا نظريًا.
عادة، في المجال المغناطيسي الموحد مثل المجال المغناطيسي للأرض، تقوم الإلكترونات الموجودة في الموصل بإعادة ترتيب نفسها بسرعة لإنشاء قوة كهربائية معاكسة، مما يلغي توليد التيار.
ومع ذلك، فإن الباحثين بقيادة كريستوفر تشيبا من جامعة برينستون يزعمون أنهم وجدوا "ثغرة". ومن خلال حسابات معقدة، أثبتوا أن مواد محددة، ذات خصائص معينة ومُشكلة في أنابيب أسطوانية، يمكنها توجيه المجال المغناطيسي للأرض إلى تكوين قادر على توليد دفعة مغناطيسية لن تتمكن القوة الكهروستاتيكية داخل الجهاز من إلغائها، وبالتالي إنتاج تيار.
التجربة والنتائج
ولاختبار نظريتهم، قام الباحثون ببناء أسطوانة مجوفة باستخدام مادة مغناطيسية ناعمة تحتوي على المنغنيز والزنك والحديد . ومن خلال فحص عوامل الاضطراب المحتملة الأخرى بعناية، قاموا بقياس الجهد والتيار الناتج عن الجهاز.
يبدو أن النتائج تؤكد توقعاتهم: فقد لاحظوا جهدًا كهربائيًا صغيرًا جدًا يبلغ 17 ميكروفولت ، ويعتمد حجمه على اتجاه الجهاز بالنسبة للمجال المغناطيسي للأرض. كان التوتر صفرًا عندما تم استخدام كتلة صلبة من نفس المادة، بدلاً من أنبوب مجوف، لمشكلة إعادة التنظيم المذكورة أعلاه.
انتقادات وشكوك
وعلى الرغم من دقة التجربة، إلا أن العديد من الفيزيائيين ما زالوا متشككين. رينكي ويجنجاردن، الفيزيائي المتقاعد الذي حاول بالفعل تكرار التأثير في عام 2018 دون جدوى، ومع اعترافه بأهمية العمل، لا يزال مقتنعًا بأن نظرية تشيبا وزملائه غير صحيحة.
ويتعلق القلق الرئيسي بالصغر الشديد للجهد المقاس، والذي يمكن أن يكون ناجما عن ظواهر أخرى لم يتم تحديدها بعد، مثل التغيرات في درجات الحرارة.
احتياجات التحقق والتطبيقات المحتملة
ومن أجل استنتاج أن الإجهاد المرصود يرجع بالفعل إلى دوران الأرض، هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة. يقترح الفيزيائيون تكرار التجربة عند خطوط عرض مختلفة، حيث تشير التوقعات النظرية إلى أن النتائج يجب أن تختلف.
وإذا تم تأكيد النتائج من قبل مجموعات بحثية أخرى، فإن الخطوة التالية ستكون محاولة زيادة حجم الجهاز لتوليد كميات مفيدة من الطاقة .
ومن الواضح أن الطاقة لن يتم إنتاجها من لا شيء، ولكنها ستكون وسيلة لاستغلال طاقة دوران الأرض والتي بالتالي سيتم تقليلها. لا يمكنك توليد الطاقة من لا شيء، المشكلة، إن وجدت، هي حساب مقدار تباطؤ الدوران
ووفقا لحسابات الباحثين، إذا تمكنت هذه التكنولوجيا من تلبية احتياجات العالم بأسره من الكهرباء (حوالي 11 تيراواط في عام 2022)، فإن التباطؤ في دوران الأرض سيكون في حده الأدنى، أي ما يعادل حوالي 7 مللي ثانية في قرن ، وهي قيمة مماثلة للتغيرات الناجمة عن الظواهر الطبيعية مثل جاذبية القمر.
وبافتراض أن التأثير قابل للتكرار، فهل يكون التباطؤ مسموحًا به؟ ففي النهاية، ستكون هذه طاقة خالية تمامًا من الكربون...
بفضل قناة Telegram الخاصة بنا، يمكنك البقاء على اطلاع دائم بما يتم نشره من مقالات السيناريوهات الاقتصادية الجديدة.
المقال توليد الكهرباء من دوران الأرض: هل يمكن تحقيقه؟ ما هي المشاكل؟ يأتي من السيناريوهات الاقتصادية .